الخميس، 11 مايو 2017

أنفلونزا الطيور... من أرشيف مقالاتي القديمة

مخربشات

أنفلونزا الطيور خطر جديد يهدد البشرية

 الضحايا المتوقعون 150 مليون
عماد أبو غازي
 منذ أكثر من عام يقول الخبراء إن السؤال لم يعد ما إذا كان وباء أنفلونزا الطيور سيصيب البشر، بل السؤال متى سيقع هذا الخطر؟
 وفي الأسابيع الأخيرة بدأ الخطر يبدو أقرب إلى التحقق، كما أصبح أقرب إلى حدودنا، فبعد ظهور حالات للمرض في تركيا تتزايد يوما بعد يوم، وشكوك حول حالات في القدس المحتلة وفي العراق وفي رومانيا، مع احتمالات متزايدة لانتقال المرض من البشر إلى البشر، إذاً الأمر بات خطيرا، فالمرض يطرق أبواب الشرق الأوسط وأوروبا، مما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى إرسال نداء للمؤتمر الذي عقد في الصين مؤخرا قال فيه: "ليس هناك وقت لإضاعته. دعونا نتأكد من إننا مستعدون"، ويبدو أن الخطر دفع الدول المانحة للحركة بسرعة حيث نجح المؤتمر في جمع ما يقرب من ملياري دولار لجهود مواجهة المرض، وهو مبلغ فاق كل التوقعات والآمال، نصيب دول أفريقيا والشرق الأوسط منها 110 مليونا.
 وكان موقع هيئة الإذاعة البريطانية على الإنترنت قد نشر خلال الأسابيع الماضية مجموعة من الموضوعات حول الكارثة الجديدة التي تهدد البشرية في حالة انتشار أنفلونزا الطيور بشكل وبائي على مستوى عالمي. وذكر الدكتور ديفيد نبارو ـ الذي عين مسئولا لتنسيق جهود الأمم المتحدة من أجل احتواء العدوى في القارة الآسيوية ـ أن الفيروس المسئول عن المرض في آسيا قد يعرف طفرة تحوله إلى وباء ينتقل بين البشر مباشرة، وكان يعتقد أن أنفلونزا الطيور تصيب الطيور فقط إلى أن ظهرت أول حالة إصابة بين البشر في هونج كونج في عام 1997، ويذكر أن أنفلونزا الطيور اكتسحت الدواجن في القارة الآسيوية منذ 2003، وتسببت في وفاة ما يزيد عن 60 شخصا، والمعروف أن الإنسان يلتقط العدوى عن طريق الاحتكاك المباشر بالطيور المصابة بالمرض، وبالمناسبة فالمرض حسب رأي العلماء لا ينتقل بأكل الدواجن، وحذر نفارو من أن احتمال حدوث طفرة للفيروس كبير جدا، وخطورة هذه الطفرة المتوقعة في أنه ستحول أسلوب العدوى لتصبح ممكنة بين البشر مباشرة.
 وهناك العديد من أنواع أنفلونزا الطيور، إلا أن النوع المعروف باسم "إتش 5 إن 1" يعتبر الأكثر خطورة، حيث تزيد احتمالات وفاة البشر المصابين به. أما عن سيناريو الطفرة المحتملة للفيروس كما يتصوره العلماء فيأتي مع إصابة إنسان بفيروس أنفلونزا الطيور وهو مصاب في نفس الوقت بفيروس أنفلونزا عادية، الأمر الذي سيؤدي إلى ظهور نوع جديد متطور من فيروس أنفلونزا الطيور ينتقل بين البشر مباشرة، وعندها تقع الكارثة، وبشكل عام لا ينتقل المرض بسهولة إلى الإنسان ولكن مع اكتشاف إصابات في الطيور الداجنة بروسيا وكازاخستان في يوليو الماضي، ثم في تركيا ورومانيا الآن فإن المخاوف قد زادت من احتمال تحول المرض إلى وباء عالمي قاتل.
 وقال منسق الأمم المتحدة: إن عدد ضحايا أي وباء قد ينتقل بين البشر في المستقبل رهن بمكان بداية انتشاره وسرعة اكتشافه ورد فعل الحكومات، وأضاف أن عدد الضحايا قد يتراوح بين 5 ملايين و150 مليون شخص، وإنه متأكد "من أن الجهود التي سنبذلها خلال الأشهر القليلة المقبلة هي التي ستحدد إن كان المرض سيقتل 5 ملايين أو 150 مليونا."  ومن جانبها تدعو منظمة الصحة دول العالم إلى توخي الحذر الشديد من انتقال أنفلونزا الطيور إلى أراضيها، وحذرت المنظمة من أن "كل حالة إصابة جديدة بين البشر تزيد من احتمال تحور الفيروس المسبب للمرض ليكون انتقاله إلى الإنسان أسهل."
 ومما زاد من المخاوف حول هذا الموضوع أن العلماء كانوا قد تمكنوا منذ أعوام قليلة مع بدايات ظهور موجة أنفلونزا الطيور في شرق آسيا من اكتشاف سر انتشار وباء الأنفلونزا الأسبانية الذي راح ضحيته 50 مليونا من البشر عام 1918، محققا رقما قياسيا في ضحايا الأوبئة على الصعيد العالمي. ويعتقد العلماء أن الفيروس استطاع تجاوز ما يعرف بـالحاجز النوعي لينتقل بشكل وبائي بين البشر.
 وقد أصيب بوباء الأنفلونزا الأسبانية مليار إنسان معظمهم شفي من المرض، والغريب أن مصدر المرض كان أيضا الشرق الأقصى لكنه نسب إلى أسبانيا بسبب المتابعة الناجحة والقوية التي قامت بها الصحف الأسبانية لتطور الوباء، وكانت أسبانيا غير منخرطة في الحرب العالمية الأولى فاهتمت صحفها بالموضوع، ومن الجدير بالذكر أن أعداد ضحايا الوباء فاقت بكثير عدد ضحايا الحرب التي استمرت أربع سنوات، بل إن البعض يرى أن الوباء كان سببًا أكبر في إنهاء الحرب العظمى. ودور الأوبئة في إنهاء الحروب عبر التاريخ معروف، وربما يكون هذا هو جانبها الإيجابي، والغريب أيضًا أن أهم الأوبئة التي انتشرت على النطاق العالمي عبر التاريخ كان مصدرها الشرق الأقصى، فالفناء العظيم أو الموت الأسود الذي انتشر في نهاية العصور الوسطى جاء وفقًا للمصادر التاريخية العربية من الشرق الأقصى، وكذلك موجات الأنفلونزا القاتلة الثلاثة: الأسبانية 1918 والآسيوية 1957، وهونج كونج 1968، واليوم أنفلونزا الطيور.
 والسؤال المطروح ماذا سنفعل في مصر ونحن بلد مستقبل للطيور المهاجرة؟ هل أعددنا العدة لمواجهة الكارثة أم سنكتفي بأنكارها ونبحث عن اسم حركي للمرض كما اعتدنا منذ الستينيات؟

 الدستور 25 يناير 2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق