الأربعاء، 29 يوليو 2020

من أرشيف مقالاتي القديمة أخطاء وخطايا في مناهج الدراسات الاجتماعية

مخربشات

أخطاء وخطايا في مناهج الدراسات الاجتماعية

عماد أبو غازي

 يكشف استعراض مناهج الدراسات الاجتماعية في المرحلة الابتدائية عن مجموعة من المشكلات المهمة التي تحتاج إلى علاجها حتى تثمر هذه المقررات الدراسية ثمارها في إكساب الناشئة معرفة تاريخية وجغرافية، وتكسبهم وعيا بقضايا المواطنة، وتنمي حس الانتماء لديهم، كل هذا بما يلائم المرحلة العمرية التي يمرون بها.

 هناك أولا مشكلات عامة، مثل عدم التوازن في عرض الحقب التاريخية، قياسا على مداها الزمني، وعلى ما حققه فيها الإنسان المصري من إنجاز، ثم ربط التاريخ المصري بشخصيات الحكام والقادة والزعماء، مما يرسخ فكرة البطل الفرد ويغيب قيمة المنجز الجماعي للشعب المصري، ثم هناك الأخطاء العلمية المتعددة، فضلا عن ضحالة المادة المقدمة في هذه المقررات الدراسية، عكس ما يشاع ويتردد عن الحشو في المناهج الدراسية، وأخيرا عدم ترسيخ قيام المواطنة والتعددية بشكل واضح في المناهج.

 وإذا انتقلنا إلى أمثلة تفصيلية، فمنها أن تاريخ مصر القديم مختزل بصورة مخلة، بصورة  تؤدي إلى جهل التلميذ بتاريخ بلاده، بصورة لا تتناسب مع المدى الزمني الذي استغرقته الحضارة المصرية القديمة، ولا مع الإنجاز المهمة الذي حققته تلك الحضارة للإنسانية، ولو قارنا بين ما يدرسه التلاميذ المصريين في المرحلة الابتدائية عن تاريخ بلادهم وما يدرسه التلاميذ الفرنسيين في نفس المرحلة عن تاريخ مصر القديم لاكتشفنا مدى هزال مناهجنا وضعفها، ويجب أن نتذكر جيدا أن الحقبة المصرية القديمة في تاريخنا هي مرحلة التأسيس، والمرحلة المشتركة التي تجمع كل عناصر الأمة وتوحد بيننا، فالاهتمام بها فضلا عن أنه يكسب التلاميذ معرفة تاريخية عن بلادهم ينمي فيهم قيم الانتماء والمواطنة.

 أما القسم الخاص بتاريخ مصر الإسلامي فيحتل مساحة كبيرة بالنسبة للمدى الزمني لهذه المرحلة من تاريخ مصر قياسا على العصور السابقة عليها، ورغم ذلك، فإن المقرر الدراسي لا يبرز الإنجازات الحضارية في تلك الحقبة التاريخية المهمة ويغفل الكثير منها، ولا يقدم بشكل واضح وسلس كيف كانت في تلك المرحلة عناصر وصل واتصال بالمراحل التاريخية السابقة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بإفراد مساحة أوسع في المقررات الدراسية للتاريخ الاجتماعي وللمظاهر الثقافية والحضارية.

 كذلك فإن تاريخ مصر منذ الاحتلال العثماني حتى العصر الحالي مختصر بشكل مخل، والكتب الدراسية لا تتوقف إلا عند الأحداث السياسية الكبرى التي تربطها بشخصيات الحكام والزعماء، والرؤية الحديثة في الدراسات التاريخية لا تغفل بالطبع الشخصيات الكبرى في التاريخ، لكنها أيضا لا تختذل التاريخ في هذه الشخصيات.

  المقررات بشكل عام لا تنتج سوى أطفال لا يعرفون عن تاريخ بلدهم إلا قشور سطحية، وهذه خطيئة.

 الصورة ليست قاتمة بالكامل فهناك تطور واضح في المقررات الدراسية قياسا على مرحلة سابقة، من حيث التعامل الإيجابي مع مراحل مختلفة من تاريخنا الأمر الذي كان يغيب عن مناهجنا من قبل، ومن أمثلة ذلك الاهتمام بإبراز الحقبة المسيحية في التاريخ المصري، أو بمعنى أدق التحولات التي حدثت في المجتمع المصري بعد دخول المسيحيية إلى مصر. كذلك تقديم الحقبة البطلمية، لكن المادة العلمية مع ذلك تظل دون ما يحتاجه التلميذ وما يمكن أن يستوعبه في هذه المرحلة.

 كذلك يحسب لمقررات الدراسات الاجتماعية في المرحلة الابتدائية إبراز قضايا البيئة والحفاظ عليها، والمشكلات التي تترتب على التلوث بأنواعه المختلفة، وهذا توجه مهم ينبغي التركيز عليه لتنمية الوعي البيئ منذ مرحلة الطفولة.

 من التطورات الإيجابية في المقررات الدراسية الاهتمام بالصورة في الكتاب، واعتماد معظم الدروس على الصور والرسوم التوضيحية والخرائط، وهذا إيجابي بشكل عام، لكن كي تكتمل هذه الإيجابية لابد من الاهتمام بدقة المعلومات والبيانات على الخرائط والصور، ويجب أن تستخدم الصور الاستخدام الصحيح والدقيق دائما ولا توزع بشكل عشوائي.

 من اللافت للنظر أيضا أن المقررات الدراسية تؤكد في كل وحدة دراسية تقريبا على الاهتمام بالأنشطة التي ينبغي أن يقوم بها التلاميذ تحت إشراف المدرسين  أو يمارسونها بمفردهم، وكذلك التأكيد على اللجوء إلى الزيارات الميدانية والرحلات كوسائل تعليمية أساسية، وهذا اتجاه إيجابي مهم للغاية غاب عن منظومتنا التعليمية منذ سنوات.

 لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل تتوافر في مدارسنا الحكومية العادية بل وحتى التجريبية إمكانيات ممارسة مثل هذه الأنشطة؟

 أشك في ذلك.

 وأعتقد أنه إذا لم تتوافر إمكانيات تنفيذ مثل هذه الأنشطة والرحلات العلمية فإن تضمينها في المناهج يأتي بنتائج سلبية على العملية التعليمية وعلى الطلاب، من ناحية العملية التعليمية، لن يحصل التلميذ أجزاء مهما مما يفترض أن يحصلها، بسبب أن من وضعوا المقرر الدراسي يفترضون أن هذه الأجزاء من المقرر ستغطيها الأنشطة والرحلات، أما من ناحية التلاميذ فسوف يشعرون بالإحباط من عدم تنفيذ هذه الأنشطة، كما سيكتشفون مدى عدم الجدية في العملية التعليمية وسترسخ عندهم هذه الحالة قيما سلبية.

 الدستور أكتوبر ٢٠١٠

من أرشيف مقالاتي القديمة... التاريخ في مناهج التعليم

مخربشات

التاريخ في مناهج التعليم

عماد أبو غازي

شهدت الأسابيع القليلة الماضية مناقشات حامية في الصحف ووسائل الإعلام حول المناهج الدراسية في التعليم العام، ومشكلة الكتب الخارجية، بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد.

 وامتد النقاش إلى محاولات الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم إصلاح ما أفسده "الزمن" في التعليم المصري، وظهر بوضوح تصدي أصحاب المصالح في بقاء الحال على ما هو عليه لتلك المحاولات الجريئة لإصلاح حال مدارسنا ومناهجنا ونظامنا التعليمي.

 وأي متابع للحالة التي وصل إليها التعليم العام في مصر في السنوات الماضية يلحظ بوضوح الخطر المحدق بهذا البلد. لدينا طالبات وطلاب يحصلون على الدرجات النهائية في امتحانات الشهادات العامة لكنهم لم يكتسبوا من التعليم معارف حقيقية، كل ما اكتسبوه مهارات الإجابة النموذجية على أسئلة الامتحانات، غاب الهدف الأساسي من وراء التعليم أعني المعرفة، وأصبح هدف الطلاب وأولياء الأمور المجاميع العالية بغض النظر عن وسيلة الوصول لها، وبغض النظر عما تم تحصيله من معارف وقدرات بالفعل، ومن يعمل بالتدريس في الجامعة لا بد أن يستشعر الخطر من تراجع المستوى المعرفي للطلاب المتفوقين الذين يلتحقون بالجامعة.

 مجاميع عالية، ومستوى معرفي متراجع!

كيف؟ وأين تكمن المشكلة؟

 المشكلة في تقديري تكمن في تضاؤل المقررات الدراسية وانكماشها المستمر وخلوها من المحتوى الذي يكسب الطالب المعارف المطلوبة، الانكماش الذي يأتي تحت ضغط الرأي العام وأولياء الأمور بزعم الحشو في المناهج، وخضوع وزارة التربية والتعليم لهذه الضغوط و"تخفيف" المناهج الدراسية المرة تلو المرة حتى خلت من المحتوى، وأصبحت هيكلا فارغا.

 كذلك انفراد "التربويون" بوضع المناهج، ومعظم الأجيال الجديدة منهم، ممن تخرجوا من كليات التربية بعد أن أصبحت تخرج طلابا في المرحلة الجامعية الأولى يمتلكون قدرات عالية في الجانب التربوي، يمتلكون أدوات بناء منهج دراسي من الناحية الشكلية لكنهم لا يمتلكون القدر الكافي من المعرفة بالمحتوى العلمي المتخصص في المواد الدراسية المختلفة، والنتيجة خواء المقررات الدراسية.

 لقد اتيح لي أن أطالع مقررات الدراسات الاجتماعية في المرحلة الابتدائية التي كانت مقررة في العام الدراسي الماضي، 2009 ـ 2010، وهي ست كتب للصفوف الرابع والخامس والسادس من المرحلة الابتدائية، لكل صف كتاب للفصل الدراسي الأول وآخر للفصل الدراسي الثاني.

 من خمسين سنة عندما كنا طلابا في المرحلة الابتدائية كانت هذه المادة تسمى المواد الاجتماعية، وكانت تتكون من ثلاث مواد منفصلة عن بعضها لكل منها كتابا مستقلا، التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، ولكل من المواد الثلاث ساعات دراسية منفصلة. انكمشت المواد الثلاث لتصبح مادة واحدة بكتاب واحد. كتاب صغير الحجم خالي من المحتوى كثير الأخطاء.

 لكن قبل أن أسترسل في الحديث عن عيوب الكتب المقررة في المرحلة الابتدائية في مادة الدراسات الاجتماعية، ما المستهدف المطلوب من تدريس التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية أو التربية المدنية للطلاب في هذه المرحلة العمرية، بين الثامنة أو التاسعة والحادية عشر أو الثانية عشر من العمر؟

 أظن أن الهدف الأساسي العام أن يكتسب التلميذ معرفة بالمفاهيم الأساسية للجغرافيا والتاريخ ولماذا يدرسهما، وذلك بشكل مبسط يلائم هذه المرحلة من العمر.

 ثم أن يكتسب التلميذ المعارف الأساسية عن جغرافية مصر في إطار علاقتها بقارتها الأفريقية وانتمائها إلى عالم البحر المتوسط والعالم العربي، في حدود ما يمكن أن تستوعبه مداركه في هذه المرحلة الدراسية. وكذلك المعرفة بتاريخ مصر وحضارتها في مختلف العصور بشكل متوازن. ولابد أيضا أن يكتسب التلميذ معرفة بالنظام السياسي المعاصر في مصر بصورة تلائم مدركاته.

 من ناحية أخرى ينبغي أن تسهم المادة في تنمية القدرات الذهنية لدى التلاميذ، وتساعد في تملكهم وسائل متنوعة في اكتساب المعرفة، وتنمي لديهم مهارات البحث وحب الاطلاع والتفكير النقدي.

 وفي النهاية يجب أن تنمي هذه المادة التي تضم في داخلها ثلاث مواد دراسة قيم المواطنة، والانتماء، والمساواة، واحترام القانون، وتقبل الآخر المختلف، والاعتراف بالتنوع البشري والثقافي، والحفاظ على البيئة لدى الأطفال والناشئة في هذه السن المبكرة.

 ورغم أن من قاموا بوضع المقررات الدراسية يدركون على ما يبدو معظم تلك الأهداف، ويظهر هذا جليا من خلال ما صاغوه في مقدمات الكتب الدراسية، وفي بداية كل وحدة من الوحدات في كل مقرر من المقررات، إلا أن مناهج الدراسات الاجتماعية في تقديري لم تنجح في تحقيق هذه الأهداف.

 وللحديث بقية...

 الدستور ٢٩ سبتمبر ٢٠١٠

من أرشيف مقالاتي القديمة ... وزير التعليم والغزو العثماني

مخربشات

وزير التعليم والغزو العثماني

عماد أبو غازي

  لفت انتباهي في عدد الدستور الصادر يوم الاثنين الماضي مانشيت رئيسي في الصفحة الأول يقول: "المستندات تتحدى بدر: مناهج الثانوية العامة تغيرت"، وفي عنوان فرعي: "استبدال مصطلح الفتح العثماني بالغزو العثماني في منهج التاريخ!"، وعلامة التعجب للجريدة وليست لي، الخبر كتبه الزميل محمد توفيق.

 لفت نظري في الخبر والعناوين عدة أمور:

 أولها: حالة الترصد المستمرة بوزير التربية والتعليم، والسعي لتصيد أية تصريحات له للهجوم عليه، وفي هذا الخبر يسعى كاتبه للتأكيد على أن هناك تغيرات في بعض مناهج الثانوية العامة، وإن هذه التغيرات تتنافى مع تصريحات للوزير لوسائل الإعلام بأنه لم يحدث تغيير في مناهج الثانوية العامة، ويتهم الوزير بأنه إما يعرف بالتعديلات وينفيها، أو لا يعرف بها أصلا وفي الحالتين هناك مشكلة بالطبع.

 وأظن أن الأستاذ محمد توفيق كان يرد على تصريحات أدلى بها وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكي بدر لجريدة الجمهورية نشرت يوم السبت الماضي، عدت إلى تصريحات الوزير وأعدت قراءاتها عدة مرات، فلم أجد فيها ما يفيد بأنه لم تحدث تغيرات في مناهج الثانوية العامة، ما قاله الوزير تحديدا: "إن عملية وضع المناهج بدأت في نوفمبر 2009، وبدأ إعداد الكتب للطبع بعدها بقليل"، وهذا يعني بوضوح أن هناك تغيير ما، ثم يشير الوزير إلى أنه قد وجد أن قليلا منها ـ أي من المناهج ـ يستلزم حذف أجزاء منها لتقليل الحشو والتخلص من عيوب الحفظ والتلقين والاقتراب من الإبداع والابتكار. واستطرد وزير التعليم قائلا: إنه لو حدث حذف من المناهج بعد ذلك سيكون في أضيق الحدود وسعيا للصالح العام وبعد مراجعة شاملة للمناهج.

 فمن أين أتى كاتب الخبر بأن الوزير "أصر على عدم حدوث تغيير في أي شيء".

 ربما خلط بين تصريحه هذا ونفيه في نفس الحديث لما يتردد عن وجود مناهج سرية للثانوية العامة، ودهشته مما ينشر في بعض الصحف الخاصة حول هذا الموضوع.

 وأظن أن هناك فارق كبير بين نفي وجود مناهج سرية ونفي وجود تغيرات في المناهج.

 الأمر الثاني اللافت للنظر في الخبر أن ما رصده الأستاذ توفيق من تغييرات اعتبرها مستندات تتحدى الوزير، إن منهج اللغة الإنجليزية تغير في الصف الثالث بعد أن تغيير منهج الصف الثاني في العام الماضي، ورغم أن كاتب الخبر لم يرصد تغيير في المنهج سوى استبدال موضوع عن الروائية الإنجليزية أجاثا كريستي بآخر عن الدكتورة عائشة عبد الرحمن، إلا أن المنطقي أن تكون هناك تعديلات في منهج الصف الثالث الثانوي ما دامت قد حدثت تعديلات في العام الماضي في منهج الصف الثاني الثانوي، فالمناهج تبنى على بعضها.

 أما منهج التاريخ الذي اعتبره قد تغيير، فما رصده من تغيير فيه ليس إلا تعديلات في بعض الصياغات والعبارات والكلمات هنا وهناك، ولو أن الأستاذ توفيق وقد بذل كل هذا الجهد في البحث عن تغيير في كلمة أو فقرة أو عبارة كان قد قدم لنا رأيه في هذا المنهج ربما كان هذا أجدى وأنفع لمن يرغب في تطوير حقيقي للتعليم.

 الأمر الثالث الذي لفت نظري بشده الفقرة الأخيرة التي يقول فيها الأستاذ توفيق مستنكرا على ما يبدو: "هذا بجانب حذف مصطلح الفتح العثماني من مناهج التاريخ في المرحلتين الإعدادية والثانوية العامة، وتم وضع الغزو العثماني بدلا منها".

 في الحقيقة كنت قد تصورت أن العكس قد حدث، وأن الوزارة قد استخدمت مصطلح الفتح العثماني بدلا من الغزو العثماني، وهذا ما استفزني ودفعني لقراءة الخبر، فالعنوان الذي يتصدر الخبر يحمل عكس المعنى المقصود، فحرف الباء يدخل على المتروك، أي أن صحة العنوان كما يبدو من تفاصيل الخبر كانت تقتضي أن يكون العنوان: "استبدال مصطلح الغزو العثماني بالفتح العثماني في منهج التاريخ". وهذا الخطأ الشائع الذي وقع في العنوان وعدم انتباه المصححين إليه يؤكد أن المناهج في حاجة إلى تعديل ونظام التعليم في حاجة إلى تعديل.

الكارثة الحقيقية أن مناهج التاريخ كانت تشير إلى احتلال العثمانيين لمصر بمصطلح "الفتح"، الذي يحمل دلالات إيجابية، ولا أعرف متى حدث هذا؟ ومن المسئول عنه؟

 إن تصحيح هذا الخطأ الفادح أمر يستحق الإشادة به، ولا يستحق استنكاره أو التعجب منه. أما مناهج التاريخ فإنها تستحق وقفات ووقفات من أجل أن تصبح مناهج تاريح حقيقية، ومن أجل أن يصبح لدينا تعليم حقيقي ينمي قيم المواطنة والانتماء لهذا البلد، وينمي قدرات الطلاب على الخلق والابتكار، إنها تستحق التغيير الشامل بالفعل وليس تعديل عبارة هنا وكلمة هناك، الأمر الذي أظن أن وزير التربية والتعليم قادر عليه، ولهذا حديث آخر.

 الدستور ٢٢ سبتمبر ٢٠١٠

٣ مقالات في مخربشاتي في سبتمبر ٢٠١٠

مخربشات

٣ مقالات في مخربشاتي في سبتمبر ٢٠١٠ في مناقشة مع الأستاذة صا في ناز كاظم...

الأستاذة صافيناز

عماد أبو غازي

 ظهرت الأستاذة صافيناز كاظم في أحد البرامج الرمضانية التي تعتمد على المواجهة بين ضيفي البرنامج، وكان في مواجهتها الأستاذ حلمي النمنم الكاتب الصحفي ونائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والأستاذة صافيناز كاظم كاتبة كبيرة لها وجهات نظر ضد السياسة الثقافية لوزارة الثقافة، وله وجهات نظرها في السياسة والثقافة والحياة عموما، ولم أكن لأفكر في الرد عليها أو مناقشتها فيما تكتب أو تقول، لكنها في هذا البرنامج التلفزيوني تعرضت لي بالاسم، وذكرت أمور ـ ربما لبعد الزمن ـ ليست دقيقة، وأنا لا أرد هنا كي تغيير الأستاذة صافيناز كاظم وجهة نظرها، لكن أرد لأدفع اتهام باطل عن مؤسسة ثقافية محترمة.

 ذكرت الأستاذة صافيناز كاظم إنها اتصلت بي لتسألني عن سبب عدم فوز الإذاعي الراحل محمد محمود شعبان بجائزة الدولة التقديرية، وأنني قلت لها: إن اسمه لم يعرض على اللجنة أصلا، في محاولة للتدليل على انحياز المجلس الأعلى للثقافة وعدم موضوعية الجوائز التي يمنحها.

 وما لم تقله الأستاذة صافيناز، لأنها نسته على ما أعتقد، أنني أخبرتها ـ على ما أذكر ـ أن سبب عدم عرض اسم محمد محمود شعبان للتصويت، أن ترشيحه للجائزة تم بعد وفاته، وهذا مخالف للقانون، ومن المؤكد أن محمد محمود شعبان كان يستحق جائزة الدولة التقديرية، فهو مبدع في مجال العمل الإذاعي، وكانت له اسهاماته المهمة في تكوين الوجدان الثقافي لأجيال متعاقبة من أبناء هذا الوطن، لكن القانون هو القانون، ولا يمكن أن نخالفه أو أن ندعو إلى مخالفته، وهذا القانون لم يسنه المجلس الأعلى للثقافة أو وزير الثقافة أو أمين المجلس، إنه قانون صادر عام 1958، وينص على أن المرشح للجائزة لابد أن يكون على قيد الحياة، مع جواز حصول المرشح على الجائزة إذا توفي بعد الترشيح وقبل موعد التصويت. ولما كانت الجهة المرشحة للرجل قد رشحته بعد وفاته فقد كان الترشيح باطلا، ومن ثم لم يعرض الاسم على المجلس الأعلى للثقافة للتصويت عليه، دون سوء نية أو سوء قصد من المجلس ومن القائمين عليه.

 وبهذه المناسبة هناك عدة نقاط أثارتها الأستاذة صافيناز في حديثها بشأن الجوائز تحتاج إلى إيضاح، أولها أن المجلس غير مسؤل عن الترشيح لجوائز الدولة، فالجوائز نوعان: جوائز يتقدم لها الأشخاص بأنفسهم مثل جوائز الدولة التشجيعية، وأخرى ترشح لها جهات مختلفة مثل جوائز مبارك وجوائز الدولة التقديرية، بينما تجمع جوائز الدولة للتفوق بين ترشيح الهيئات وإمكانية تقدم الشخص بنفسه للجائزة، إذن فالمجلس ليس مسؤلا عن أسماء المرشحين بل مسؤل فقط عن نتيجة التصويت للاختيار من بين المرشحين، فلا يمكن أن نلومه على عدم اختيار أسماء لم تطرح أمامه أصلا، أو طرحت دون توافر الشروط القانونية مثل حالة الإذاعي الكبير محمد محمود شعبان.

 أما الجهات التي لها حق الترشيح فهي مجالس الجامعات المصرية ومجالس إدارة النقابات الفنية ومجلس إدارة اتحاد كتاب مصر، ومجمع اللغة العربية ومجمع البحوث الإسلامية ومجلس جامعة الأزهر والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ومجلس أكاديمية السادات ومجلس أكاديمية الفنون ومجالس إدارات أربعة عشر من الجمعيات الأهلية العريقة العاملة في مجال الثقافة والفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.

 مهمة المجلس هي الاختيار من بين المرشحين والمتقدمين للجوائز من خلال تصويت سري، ويشترط للفوز الحصول على ثلثي أصوات أعضاء المجلس الحاضرين، ما عدا دورة التصويت الأخيرة التي يجوز الفوز فيها بالأغلبية المطلقة، أي النصف زائد واحد، ولا شك في أن نظام الجوائز يحتاج إلى التعديل بعد مرور أكثر من خمسين عاما على صدور قانون جوائز الدولة، الأمر الذي يعكف المجلس على دراسته بالفعل، لكن أي تعديل لابد أن يتم باتفاق ما بين المجلس الأعلى للثقافة وأكاديمية البحث العلمي، الشريك الآخر في منح الجوائز، ولابد أن يتم من خلال تعديل تشريعي يصدر من مجلس الشعب.

 أما القول بأن المجلس يمنح جوائزه بناء على تعليمات أو توجيهات فقول مجافي للحقيقة، فمن ناحية لا يمكن أن يقبل أعضاء المجلس بمن فيهم من قامات ثقافية توجيه يدفعهم إلى التصويت بما يخالف ضمائرهم، ومن ناحية أخرى ليست هناك مصلحة لوزير الثقافة في منح الجائزة لشخص أو حجبها عن شخص، والوزير يملك صوته فقط كرئيس للمجلس، ولعل فوز عدد من المختلفين مع سياسة الوزير والناقدين لها بجوائز الدولة خير دليل على عدم التدخل في الجوائز، فالمعيار الوحيد الاستحقاق من وجهة نظر أعضاء المجلس ووفقا لما تمليه عليهم ضمائرهم.

 أما القول بأن الجوائز لا تذهب إلى تيارات بعينها خصوصا التيار الإسلامي، فلا علاقة له بالحقيقة، أولا المجلس لا يمنح جوائز في العلوم الدينية، لكنه يمنح الجوائز في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعندما تم ترشيح مفكر كبير ينتمي إلى الاتجاه الإسلامي بمعناه الواسع مثل الدكتور عبد الوهاب المسيري فاز بالجائزة من أول مرة لقيمته في مجال تخصصه، ولم ينظر أعضاء المجلس عند التصويت لموقفه الفكري أو لانتمائه للمعارضة السياسة، لأن الجائزة تمنح للقيمة.

 تبقى قضية أخيرة أشارت إليها الأستاذة صافيناز كاظم في حديثها النقدي للمجلس، وهي رفض المجلس لمقترحاتها بتكريم رموز ثقافية لا يتفق المجلس مع توجهها، وما أذكره أن الأستاذة تقدمت بمقترحين الأول بندوة حول الراحل الأستاذ فتحي رضوان وقد نفذها المجلس بلا تردد وشاركت فيها الأستاذة صافيناز كاظم مشاركة إيجابية، والثانية لتكريم فنانة تشكيلية تقدرها هي، وقد رأت لجنة الفنون التشكيلية أن هناك عشرات الأسماء من الفنانين الأحياء والراحلين تستحق التكريم قبلها، فهل يمكن أن نعتبر هذا موقفا معاديا لمقترحاتها؟

أول سبتمبر 2010

مخربشات

قل الحق ولو على نفسك يا دكتور عماد أبو غازي

 أترك مساحة مخربشات هذا الأسبوع للرد الذي وصل لجريدة الدستور من الأستاذة صافي ناز كاظم، على ما كتبته الأسبوع الماضي في هذا المكان، ولي تعقيب على هذا الرد أتركه للأسبوع القادم.

عماد أبو غازي

تقول الأستاذة صافي ناز كاظم في ردها:

 "في كلمة كتبها الدكتور عماد أبو غازي في الدستور 1\9\2010 تحت عنوان "الأستاذة صافيناز"، ولعله يقصد "صافي ناز"، ذكر ملابسات حرمان الرائد الإذاعي العظيم محمد محمود شعبان \بابا شارو من حقه وحق مصر في تكريمه بجائزة الدولة التقديرية، بزعم أن " ترشيحه للجائزة تم بعد وفاته"، والحقيقة أن هذا الزعم غير صحيح إذ أن ترشيح جامعة المنيا لبابا شارو قد تم قبل وفاته، وقد أبلغني بهذا الترشيح الدكتور جابر عصفور نفسه عبر الهاتف يوم السبت 2 يناير 1999 الموافق 14 رمضان 1419، وقمت بإبلاغ الخبر لبابا شارو وزوجته الأستاذة صفية المهندس على الفور وعبرا عن فرحتهما وإن لم يخف بابا شارو تعجبه من أن يأتي الترشيح من جامعة المنيا وليس من جامعة القاهرة التي تخرج فيها عام 1939 وقال لي بالتحديد: "كيف تتجاهلني جامعة القاهرة وأنا خريجها منذ 60 عاما الوحيد الباقي على قيد الحياة؟"، بعدها إتصلت بالدكتورة عواطف عبد الرحمن وقالت أنها ستنقل الخبر إلى الأستاذ عبد العظيم حماد لنشره بالأهرام وقد تم نشره بالفعل يوم الإثنين 4 يناير 1999، وكل هذا كان قبل وفاة الفقيد الكريم  ظهر يوم السبت 9 يناير 1999الموافق 21 رمضان 1419، وفي يوم الأحد 10 يناير تم بث لقاء مع رئيس جامعة المنيا في سهرة إذاعية على البرنامج العام، قدمتها الإعلامية شيرين غالب، عبّر فيها عن تشرف جامعة المنيا بترشيح بابا شارو لجائزة الدولة التقديرية وأنه سعيد بأنهم فعلوا ذلك قبل رحيله بأسبوع. وهذا الكلام  لا أنقله من الذاكرة ولكن من وقائع مسجلة لا تسمح بالنسيان. لذلك عند إعلان نتائج الجوائز في وقت إعلانها عام 2000 كانت دهشتي بالغة، ليس بسبب عدم حصول بابا شارو علي حقه ولكن بسبب تصريح الدكتور عماد أن اسم بابا شارو لم يعرض على اللجنة أصلا بدعوى أن ترشيحه للجائزة تم بعد وفاته! فكيف حدث هذا التزوير في مؤسسة ثقافية محترمة ولأي مصلحة؟

يبقى ماقاله السيد الدكتور عماد أبو غازي عن إقتراحي، الذي وافق عليه الدكتور جابر عصفور يوم الخميس 15 يونيو2000، بتكريم الفنانة الرسامة الرائدة سميحة حسنين التي أطلقت عليها بحق "ملكة فن لوحة الغلاف لنصف قرن"، وعوّقه سيادته مانعا تنفيذه ولا يتردد حضرته اليوم في أن يسمح لنفسه أن يستهين بتقديرى لها، كأني بياعة فجل لا أملك ما أملك من العلم والدراسة والخبرة التي تؤهلني للتقييم، قائلا: "فنانة تشكيلية تقدرها هي، وقد رأت لجنة الفنون التشكيلية أن هناك عشرات الأسماء من الفنانين الأحياء والراحلين تستحق التكريم قبلها ..."، وكان الأولى أن يسائل هذه اللجنة عن اسم واحد فقط، بين هؤلاء العشرات التي يزعمونها، له السبق، الذي حازته الفنانة سميحة بكونها أول رسامة مصرية رائدة تملكت تلك القوة الباهرة الجاذبة في رسم لوحة الغلاف للمجلات والكتب منذ 1947 وعلي مدار نصف قرن، تشهد لها بها إصدارات دار الهلال ومجلة التحرير والرسالة الجديدة والبوليس، وبكونها أول مصرية تقتحم هذا الطريق في الصحافة المصرية وتسجل فيه ريادة راسخة.

رحم الله بابا شارو \ محمد محمود شعبان، ورحم الله الزاهدة السميحة التي أشاعت برسوماتها الضياء الخلاب وآثرت دائما أن تبقى بعيدا بعيدا حتى أن أحدا لم ينتبه لرحيلها مساء الثلاثاء 29 \ 6\2010، ونشر أهلها نعيها بصفحة وفيات الأهرام 1  \7\2010 باسم شهادة ميلادها : بهيرة حسنين علي سالم، من دون تنويه باسم شهرتها الفنية "سميحة"، فلم أتعرف عليها إلا من سياق؛ "والدة منى وأماني الكاتب المسرحي سعد الدين وهبة"!"

صافي ناز كاظم

 

مخربشات

هذه هي الحقيقة يا أستاذة صافي ناز

عماد أبو غازي

 أرسلت الأستاذة صافي ناز كاظم ردا على المقال الذي كتبته الأسبوع قبل الماضي، حمل الرد عنوان: "قل الحق ولو على نفسك يا دكتور عماد أبو غازي"، وكنت قد تركت مساحة المخربشات الأربعاء الماضي لنشر الرد على أن أعقب عليه هذا الأسبوع، لكن العدد الأسبوعي يومها كان عددا خاصا بمناسبة العيد، وبالتالي لم ينشر الرد ولا باب مخربشات أصلًا، وقد نشرت الدستور في عدد الجمعة الماضي رد الأستاذة صافي ناز كاظم في صفحة الرأي، ويتركز الرد في موضوعين أساسيين، الموضوع الأول حرمان الرائد الإذاعي الكبير محمد محمود شعبان من جائزة الدولة التقديرية، والثاني حول عدم تنفيذ مقترحها بتكريم الفنانة سميحة حسنين، وسأبدأ بالموضوع الثاني، فأنا لم استهن بالأستاذة صافي ناز كاظم ولا بقدراتها النقدية، لكن كل ما في الأمر أن أصحاب الاختصاص كان لهم رأيا آخر، لا ينتقص من قيمتها كناقدة ولا من قيمة سميحة حسنين كفنانة.

 تقول الأستاذة صافي ناز كاظم في ردها: إن زعمي أن ترشيح الأستاذ محمد محمود شعبان  للجائزة تم بعد وفاته غير صحيح، وإن الحقيقة أن ترشيح جامعة المنيا لبابا شارو قد تم قبل وفاته، وقد أبلغها الدكتور جابر عصفور بالترشيح عبر الهاتف يوم السبت 2 يناير 1999، وقامت هي بإبلاغ الخبر لبابا شارو وزوجته الأستاذة صفية المهندس على الفور وعبرا عن فرحتهما وإن لم يخف بابا شارو تعجبه من أن يأتي الترشيح من جامعة المنيا وليس من جامعة القاهرة التي تخرج فيها عام 1939، وإن هذا كان قبل وفاته ظهر يوم السبت 9 يناير 1999، وفي يوم الأحد 10 يناير تم بث لقاء مع رئيس جامعة المنيا في سهرة إذاعية على البرنامج العام، قدمتها الإعلامية شيرين غالب، عبّر فيها عن تشرف جامعة المنيا بترشيح بابا شارو لجائزة الدولة التقديرية وأنه سعيد بأنهم فعلوا ذلك قبل رحيله بأسبوع.

 لي تعقيبان هنا، الأول أنني في مقالي السابق كنت أتحدث عن ترشيح تم في ديسمبر عام 1999 بعد وفاة بابا شارو، وأصبح ترشيحا مخالفا للقانون لأنه تم بعد وفاة الرجل.

 الأمر الثاني أن ما ذكرته الأستاذة صافي ناز كاظم في ردها عن ترشيح جامعة المنيا لبابا شارو في ديسمبر 1998، وإبلاغ الدكتور جابر لها بالأمر في 2 يناير 1999 قبل رحيل الأستاذ محمد محمود شعبان بأيام صحيح تماما، كما أن واقعة عدم عرض الترشيح على لجان الفحص أو على المجلس صحيح أيضا.

 فما السبب في ذلك؟

 أولا أنا لم أكن أعمل بالمجلس الأعلى للثقافة في هذا التاريخ، فقد التحقت بالمجلس في مايو 1999، أي بعد هذه الواقعة بأربعة شهور، وقد عدت لأرشيف إدارة الجوائز بالمجلس بعد أن قرأت رد الأستاذة صافي ناز كاظم على ما كتبته، لأعرف السبب في استبعاد الترشيح الوارد من جامعة المنيا، ووجدت في الأرشيف مذكرة معروضة على الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة مؤرخة في 10 يناير 1999، مرفوعة من الأستاذة فريال صقر التي كانت تشغل وقتها منصب رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية، وهي الإدارة المسئولة إداريا ـ ضمن مسئوليات متعددة ـ عن إعداد جدول أعمال اجتماع المجلس الأعلى للثقافة، وعن تحويل الترشيحات لنيل جوائز الدولة للجان الفحص، وإعداد تقارير الفحص للعرض على المجلس الأعلى للتصويت على الجوائز، وقد توليت الإشراف على هذه الإدارة بعد بلوغ الأستاذة فريال صقر سن التقاعد.

 تعرض المذكرة لمشكلة في ترشيحات جامعة المنيا، حيث ورد من الجامعة ثلاثة خطابات متوالية بالترشيح لجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية:

 الخطاب الأول بشأن ما قرره مجلس جامعة المنيا بجلسته رقم 4 بتاريخ 23/12/1998، بالإجماع بترشيح الأستاذ الدكتور قدري حفني الأستاذ المتفرغ بكلية الآداب بجامعة عين شمس، للحصول على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية في العلوم الاجتماعية لعام 1999.

 الخطاب الثاني بشأن ما قرره مجلس جامعة المنيا بجلسته رقم 5 والمنعقدة بتاريخ 29/12/1998، بالإجماع أيضا، بإعادة ترشيح الأستاذ الدكتور أهاب إسماعيل الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية ورئيس جامعة المنيا السابق للحصول على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية في العلوم الاجتماعية لعام 1999.

 أما الخطاب الثالث فبشأن ما قرره مجلس الجامعة نفسها في جلسته رقم 5 المنعقدة في 29/12/1998، أي نفس الجلسة السابقة وبالإجماع أيضا، بترشيح الأستاذ محمد محمود شعبان (بابا شارو) للحصول على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية في العلوم الاجتماعية لعام 1999.

أي أن جامعة المنيا رشحت ثلاثة أشخاص لنفس الجائزة في نفس العام، ونظام الجوائز ينص على أنه: "يجب أن يكون الترشيح للحصول على جوائز الدولة التقديرية في نطاق تخصص الهيئة التي تتولى الترشيح، وأن يكون مقصورا على مرشح واحد فقط لأي فرع من الفروع المخصصة لجوائز الدولة التقديرية، ويبطل كل ترشيح يجري على خلاف ذلك".

 وهذا النص يتم إرساله إلى الجهات المرشحة في كل عام، ومن هنا فقد جاء ترشيح جامعة المنيا باطلا من الناحية القانونية فيما يتعلق بجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية لترشيح مجلس الجامعة لثلاثة أسماء لنفس الجائزة وفي أقل من أسبوع.

 ورغم أن نص لائحة الجوائز يقضي بأنه "لا يجوز للجنة الفحص أن تراجع الهيئة المرشحة لتعديل ترشيحاتها بما يتفق وحكم هذه القاعدة"، كما ينص على أن "لا تحال الترشيحات الواردة للشعب واللجان الثقافية من الهيئات إلى لجان الفحص المختصة إلا إذا كانت مستوفاة كافة الشروط الشكلية الواجب توافرها طبقا لأحكام القانون الصادر بإنشاء جوائز الدولة واللائحة الداخلية للمجلس الأعلى للثقافة والقرارات والقواعد التنظيمية التي يصدرها المجلس في شأن الجوائز".

 رغم هذا فقد رأت الأستاذة فريال صقر أن تعرض الأمر على الأمين العام الأستاذ الدكتور جابر عصفور في محاولة لعدم إضاعة الفرصة على الجامعة للترشيح للجائزة، وقد أحال الدكتور جابر عصفور الأمر إلى المستشار القانوني للمجلس لمخاطبة جامعة المنيا لاختيار مرشح واحد، في محاولة للاستفادة من أن القانون منع لجان الفحص من مراجعة الهيئات المرشحة ولكنه لم يمنع أمانة المجلس، وفي محاولة لتمكين جامعة المنيا من استيفاء الجوانب القانونية لترشيحها، وقد تمت مخاطبة الجامعة بالفعل في اليوم التالي لرفع المذكرة ولوفاة بابا شارو، أي يوم 11 يناير 1999، لكن الجامعة لم ترد، وقتها، ولم ترد إلى الآن.

 ومن هنا لم تحل إدارة الشعب واللجان الثقافية ترشيحات جامعة المنيا المخالفة للقانون إلى لجان الفحص، وأحالت فقط ترشيحاتها في فرعي الآداب والفنون، وقد تمت هذه الإجراءات كلها قبل التحاقي بالمجلس، ومن هنا أيضا فعندما صوت المجلس على جوائز الدولة التقديرية في فرع العلوم الاجتماعية لعام 1999، والتي تم التصويت عليها في يونيو 2000 لم يكن اسم بابا شارو موجودا.

 وبالتالي لم يحدث تزوير والمصلحة الوحيدة في الأمر هي تطبيق القانون.

الدستور ١٥ سبتمبر ٢٠١٠