الخميس، 22 فبراير 2018

بيومي أنديل...مصري أصيل... من أرشيف مقالاتي القديمة

مخربشات
بيومي أنديل...مصري أصيل
عماد أبو غازي



مع الصديقين بيومي أنديل وأحمد إسماعيل
 صحيت يوم الجمعة اللي فاتت على صوت رسالة موبايلي، مسكت الموبايل، لقيت رسالة من صديقي العاشق لمصر بيومي أنديل، عرفت بيومي من أكتر من تلاتين سنة، وكانت معرفتي بيه في مناقشة حوالين إخناتون ودوره في تاريخ مصر، مش ممكن أنسى إن بيومي أول واحد لفت انتباهي لأننا ممكن نقرا تاريخ إخناتون بطريقة مختلفة عن الطريقة اللي اتعودنا عليها، ونفهمه في السياق التاريخي لعصره، ونفسر ليه المصريين رفضوه.
 استغربت من الرسالة، لأني متعود إني أنا وبيومي نتبادل الرسايل بالموبايل في الأعياد والمناسبات، أخر مرة بعتنا لبعض معايدات في راس السنة المصرية، أول توت اللي فات، وبعدين في العيد الصغير رد على معايدتي، استغربت انه باعتلي رسالة وما فيش عيد أو مناسبة، لأننا متعودين نتصل ببعض إذا كان فيه حاجة، قلت يمكن هيتكلم في ندوة أو عنده محاضرة وباعتلي دعوة، فتحت الرسالة بسرعة، اتصدمت من اللي مكتوب فيها، الرسالة كان فيها خبر غياب الصديق الجميل بيومي أنديل عن عالمنا.
 للي ما يعرفش بيومي أنديل، بتقول عنه ويبكيديا:
 "بيومي قنديل اتولد 31 يوليو 1942 في محافظة المنوفية شمال القاهرة، وكمل تعليمه الثانوي هناك، وبعديها اتنقل للقاهرة ودرس في جامعة القاهرة كلية الاداب بيومي قنديل، بيتكلم وبيعرف لغات كتيرة حيه وميته واولها طبعا اللغة المصرية الحديثة (العامية المصرية) وكمان العربي الكلاسيك والانجليزى والفرنساوي والاسباني واليوناني القديم واللاتيني وكمل تعليمه للغة القبطية في كلية الدراسات القبطية في العباسية. من اهم كتبه حاضر الثقافة في مصر واللي عمل فيه مجهود كبير اشاد بيه اعداوه قبل صحابه وقدم فيه دفاع علمي عن الهوية المصرية المسلوبة واللي بتواجه خطرين اساسيين: خطر الذوبان في الخارج وخطر التفتيت من الداخل، وركز على موضوعين اساسيين في الكتاب دا: الموضوع الاول هو القوميه المصريه في مواجهة الثقافة العربية السامية ولخص المشكلة في سؤال هو: هل المصرين عرب؟ واستمر في طرح تساؤلات ما بتخطرش على بال كتير من المثقفين، من نوع هل الانتماء الديني جزء من الانتماء الثقافي ولا العكس؟  انتهى قنديل الى نتيجة لخصها في الجملتين دول 'القول الذي يردده "المتعلمون المصريون" وخصوصاً "الأكاديميون" منهم وراء الخبراء الأمريكيين بأن الثقافة العربية- الإسلامية هي الثقافة القومية للمصريين المعاصرين هو قول فاسد وبالتحديد غير علمي وغير دقيق وغير نزيه في آنٍ واحد. وبيقول السيد قنديل ان المصريين مش عرب ومش ساميين وانهم بيتصنفوا حسب الانثروبولوجي تحت العرق الحامي(الافريقي) مع اخواتهم في شمال افريقيا: البربر(الامازيغ) والاريتريين والاثيوبيين والنوبيين، ودا ما يخليناش نفهم الموضوع على انه استعداء للعرب لانه بيأكد كذا مرة ان على الرغم من ان المصريين مش عرب بس اولاد عم لينا.
  الموضوع التاني هو اعادة اكنشافه للغة المصرية الحديثة زي ما بيحب يسميها والمعروفة باللغة العامية واغلب المثقفين بيلخصوا موقفهم منها في انها لهجة منحدرة من اللغة العربية الفصحى أو مجرد تشويه للغة العربية الأم. قنديل وصل ان اللهجة المصري دي هي المرحلة الرابعة والأخيرة من اللغة المصرية القديمة ودا سبب تسميته ليها باللغة المصرية الحديثة، قنديل افترض فرضية هي ان اللي المصريين بيتكلموه دلوقتي هي لغة مش لهجة، وليها قواعد واضحة، وهي نفس قواعد القبطي وحتى المصرية القديمة وبعد ما برهن على فرضيته دي بالادلة العلمية وبالملاحظات وجِّه دعوة لكل المصريين انهم يكتبوا لغتهم ويعترفو بيها كبنت للغة القبطية، وعلى الرغم من ان اغلب كلماتها من العربي بس اللغات بتتصنف حسب القواعد مش على حسب الاصول المفترضة لمفردتاتها. وبحسب كلامه (اللغة المصرية الحديثة هي لغة مستقلة عن اللغة العربية الكلسيكية لكن ماهيش منفصله عنها ولا عن اي لغة او لهجة في المنطقة المحيطة ولا في الدنيا الواسعة).
 بيومي قنديل حاول هو وبعض صحابه تاسيس حزب سياسي مصري خالص وسمّاه حزب مصر الأم وكتب البرنامج السياسي للحزب وبعض صحابه سمّوه فيلسوف الحزب بس للاسف الحزب رفضته لجنة الاحزاب المصرية التابعة لمجلس الشورى وبعدها فضّل بيومي قنديل انه يسيب السياسة للسياسيين ويتفرغ لابحاثه ودراساته في اللغة المصرية الحديثة".
 ده اللي قالته ويبكيديا عن بيومي الله يرحمه اللي ساب دنيانا الفانية وراح للحياة الأبدية، باختصار الراجل كان كاتب وصحفي ومترجم وباحث، عاش بين 24 أبيب 6184 و29 توت 6251 مصري، لكن أهم من ده كله، كان مفكر مصري أصيل مهموم بأحوال مصر وثقافتها وفكرها، وهب حياته كلها علشان يبشر برسالته المصرية، درس تاريخ مصر، واتعلم اللغات اللي مرت عليها، وكانت قضية حياته إن مصر ترجع مصرية، تتفق معاه أو تختلف مش ده المهم، لكن المهم إنه كان مخلص لفكرته، والكل بيحترموه اللي بيوفقوه واللي بيخلفوه.
الدستور 14 أكتوبر 2009