الثلاثاء، 18 يوليو 2017

سويسريون في مصر... من أرشيف مقالاتي القديمة

مخربشات
سويسريون في مصر
عماد أبو غازي

 "سويسريون في مصر" كان أحد محاور النشاط الثقافي في صالون جنيف الدولي للكتاب والصحافة، في محاولة لتقديم نماذج للإسهامات السويسرية في الحياة المصرية خصوصًا في القرنين التاسع عشر والعشرين، فالعلاقات الثقافية والحضارية بين مصر وسويسرا قديمة ممتدة، من خلال بعض الشخصيات السويسرية التي لعبت دورًا في الحياة المصرية، فهي تعود إلى بدايات القرن التاسع عشر ـ على الأقل ـ حيث لعبت شخصيات سويسرية عديدة أدوارًا مهمة فى الحياة الثقافية والفنية والسياسية والاجتماعية فى مصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، من أمثال هذه الشخصيات السويسرية: وعالم الآثار الإسلامية ماكس فان برشم الذى اكتشف عددًا كبيرًا من النقوش الأثرية العربية ونشرها نشرًا علميًا وقدم بذلك خدمة مهمة لدراسة التاريخ والحضارة فى المنطقة العربية فى العصور الوسطى ومازالت مؤلفاته مرجعا مهما لكل المشتغلين بالآثار الإسلامية وبعلم الكتابة العربية وبدراسة النقوش العربية، ويعد برشم من مؤسسي دراسات النقوش الأثرية العربية، وهناك في جنيف مؤسسة علمية سويسرية تحمل اسم ماكس فان برشم ويشرف عليها أحفاده، وقد حرص بعضهم على حضور الندوة التي تحدث فيها الدكتور خالد عزب عن ماكس فان برشم في الجناح المصري بصالون جنيف للكتاب، وربما تكون هذه المحاضرة فاتحة للتعاون بين مؤسسة برشم في سويسرا ومركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية.



 ومن هؤلاء السويسريون الذين عاشوا في مصر ولعبوا دورا مهما في تاريخها السياسي جان نينيه رئيس الجالية السويسرية بمصر في عصرإسماعيل وتوفيق والذى عاصر أحداث الاحتلال البريطانى لمصر سنة 1882، وكان من المتعاطفين مع الحركة الوطنية المصرية والمؤيدين لها، وكتب عنها كتابا، ويعد كتابه من المصادر الأوروبية المهمة المعاصرة لأحداث الصعود الوطني والديمقراطي في عصر الخديوي إسماعيل وللثورة العربية ثم الاحتلال البريطاني لمصر، وقد أنصف في كتاباته الحركة الوطنية المصرية، وفضح جرائم الاحتلال وموقف الخديوي توفيق الموالي للإنجليز، وقد ترجم الكتاب في العشرينيات من القرن الماضي إلى العربية واعتمد عليه مؤرخنا الكبير عبد الرحمن الرافعي في كتابه عن الثورة العرابية والاحتلال البريطاني لمصر، وقد أشرف العالم المصري الدكتور أنور لوقا الذي عاش في سويسرا على ترجمة رسائله من مصر التي صدرت في المشروع القومي للترجمة منذ سنوات وقام بترجمتها الكاتب والناقد فتحي العشري، وقد تحدث حلمي النمنم عن نينيه معتمدا على كتابه ورسائله معرفا بالرجل ودوره في الحياة المصرية.
 ومن بينهم أيضا جروبي صاحب المحلات الشهيرة التي تحمل اسمه بالقاهرة والإسماعيلية، وهو الذي أدخل الحلوي والمخبوزات الغربية إلى المجتمع المصري فأدخل عادت احتماعية وثقافية جديدة.
 ومنهم عديد من المعماريين السويسريين الذين ساهموا في تطوير عمارة المدن المصرية الحديثة، وقد نظمت الدكتورة ليلى الوكيل المصرية أستاذة العمارة بجامعة جنيف معرضا لعمارة القاهرة الخديوية، مبرزة دور معماريين سويسريين في تحولات المدينة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
 ثم هناك الفنانة التشكيلية مارجو فيون التى عاشت فى مصر معظم سنوات عمرها وقدمت أعمالها التشكيلية متأثرة بأجوائها محققة المزج الثقافى والفنى بين تراث الغرب والشرق، وقد أهدت أعمالها قبل وفاتها للجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأصدرت الجامعة كتابا عنها من تأليف السويسرية شارلوت هج التي تحدث في الندوة عن مارجو فيون.
 أما الرحالة السويسريون الذين زاروا مصر والأراضي المقدسة، فتحدثت عنهم كلود ريشارد في إطار حديثها عن مصر في عيون الرحالة الأوروبيين منذ العصور الوسطى.


 أما الرحالة يوهان لودفيج بوركهارت، الذى زار المشرق العربي فى مطلع القرن التاسع عشر وقام برحلة إلى مصر وبها مات ودفن عام 1817، فقد حظي بنصيب أكبر من خلال معرض لحياته ورحلته نظمه الجناح المصري بالبهو الرئيسي لقاعة المعارض بجنيف والتي يقام بها الصالون، و يضم هذا المعرض 18 لوحة كبيرة تحكي قصة حياة الرجل منذ ميلاده حتى وفاته شابا لم يبلغ الثالثة والثلاثين، وقد أقيم هذا المعرض للمرة الأولى بالقاهرة منذ أكثر من عشر سنوات، من خلال فرع القاهرة في المؤسسة الثقافية السويسرية، بروهلفتيا، واحتفظت به المؤسسة، وقد وافقت مديرة مكتب القاهرة الدكتورة هبة شريف ومساعدتها ميسون محفوظ، على إعارة المعرض للجناح المصري بصالون جنيف للكتاب والصحافة، وعملتا على نقل المعرض بلوحاته وكتالوجاته إلى جنيف، ليشكل إضافة مهمة للمشاركة المصرية في الصالون، وجاء ذلك في إطار المساندة التي قدمتها بروهلفيتيا ومكتبها في القاهرة لوجود مصر كضيف للشرف في صالون جنيف، المساندة التي استمرت طوال عامين متواصلين منذ ربيع 2006 عندما بدأ التفكير في أن تكون مصر ضيفًا للشرف بالصالون عام 2008، وتميزت تلك المساندة بحماسة كبيرة من هبة وميسون، حماسة ساهمت فيما تحقق من نجاح، فقد اعتبرتا أن مشروع المشاركة المصرية مشروعهما.

الدستور 14 مايو 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق