الأحد، 11 يونيو 2017

رئيس برلمان المثقفين... من أرشيف مقالاتي القديمة

رئيس برلمان المثقفين
 خمسة عشر سنة قضاها الدكتور جابر عصفور في منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، قدم خلالها الكثير، أشاع الحياة في كيان كان يبدو للجميع ميتًا، نقل نشاط المجلس من النطاق المحلي إلى الساحة العربية منطلقًا من قناعته الفكرية العروبية، حتى أصبح الكثيرين من المثقفين العرب يطلقون على المجلس بيت الثقافة العربية، بل يمكن أن يرصد المتابعين مكانًا للمجلس الأعلى للثقافة على ساحة الثقافة العالمية، من خلال مشاركات لمثقفين بارزين من مشارق الأرض ومغاربها في أنشطة المجلس الأعلى للثقافة، ومن خلال تعاون مع عدد من المؤسسات الثقافية العالمية، عادت مصر من خلال المجلس الأعلى للثقافة تحت قيادة جابر عصفور تفتح أبوابها لاستضافة أبرز مفكري العالم ومثقفيه من أمثال مارتن برنال وجاك دريدا وروبرت يانج.


 على مستوى أخر أصبح المجلس لأول مرة برلمانًا للمثقفين كما هو الغرض منه عند إنشائه يضم بين أعضاء لجانه أكثر من خمسمائة من المبدعين والباحثين والمثقفين من كل الاتجاهات الفكرية والثقافية والبحثية والسياسية أيضًا.
 رغم أهمية كل ما قام به جابر عصفور في المجلس الأعلى للثقافة إلا أن إنجازه الأهم سيبقى "المشروع القومي للترجمة"، ذلك المشروع الذي بدأه بداية صغيرة لكنها بداية لحلم كبير، كانت البداية في عام 1995 بآحاد قليلة من الكتب تصدر في كل عام، لكن بعد عشر سنوات أصبح الحلم واقعًا وبلغ ما صدر عن المشروع أكثر من ألف عنوان، محطمًا الرقم القياسي لأي مشروع آخر للترجمة في تاريخ الثقافة العربية منذ عصر المأمون إلى يومنا هذا، والحلم الذي تحقق لم يكن مجرد رقم جديد يضاف إلى ما ترجم إلى العربية، بل كان إنجازًا في المحتوى أيضًا، لقد ترجم المشروع القومي للترجمة عن ثلاثين لغة مختلفة من اللغات الحية وتلك التي بطل استخدامها، ومن بين تلك اللغات لغات يترجم عنها مباشرة إلى العربية للمرة الأولى، كما كسر المشروع المركزية الثقافية الأوربية في الترجمة، فنقل عن لغات آسيوية وأفريقية إلى جانب اللغات الأوروبية التقليدية، وكان اكتمال الحلم بإنشاء المركز القومي للترجمة الذي سوف يتولى جابر عصفور إدارته مضيفًا بؤرة جديدة تشع ثقافة وتنير ضوءًا صغيرًا في ظلام واقعنا العربي.
عماد أبو غازي
الدستور

28 مارس 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق