الجمعة، 29 سبتمبر 2017

مصريون في اليابان... من أرشيف مقالاتي القديمة

مخربشات
مصريون في اليابان
عماد أبو غازي

 شاركت مصر كضيف للشرف في معرض طوكيو الدولي السادس عشر للكتاب، وقد قامت الهيئة المصرية العامة للكتاب بتنظيم المشاركة المصرية بالتنسيق مع السفارة المصرية في طوكيو، التي تنظم طوال عام 2009، عامًا للترويج السياحي لمصر في اليابان، وكان الإعداد لمعرض طوكيو قد بدأ منذ نوفمبر الماضي، وتضمن الإعداد للمعرض برنامجًا للنشاط الثقافي المصاحب، وقد تضمن البرنامج الثقافي ثمان ندوات على مدى يومين، ناقشت مجموعة من القضايا المرتبطة بالعلاقات المصرية اليابانية، وسعت لتقديم الإبداع الفني والفكري المصري قديمه وحديثه، كان النشاط يدور حول ثلاثة محاور: الأول محاضرات وعروض مصورة عن آثار مصر عبر العصور، تلك الآثار التي يعرف اليابانيون ما يخص منها حضارتنا المصرية القديمة، والثاني تقديم الثقافة والإبداع المعاصر في مصر من خلال الرواية والسينما والفن التشكيلي، والثالث يدور حول مصر واليابان.


 فقد كان المعرض فرصة لتقديم الثقافة المصرية، وفي نفس الوقت لفتح حوار حول العلاقة بين مصر واليابان، تلك العلاقة التي تمتد لقرابة 150 سنة، عندما زارات مصر بعثة من الساموراي للوقوف على تجربة التحديث والتعامل مع الغرب عندنا، بهدف الاستفادة منها في اليابان. من هنا كانت البداية بمناقشة الموضوع في ندوة بعنوان: "مصر واليابان وقضية النهضة"، وقد تحدث فيها الدكتور وليد عبد الناصر السفير المصري في اليابان، والدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث ورئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، وانطلقت الندوة من حقيقة أن كل من اليابان ومصر قد بدأت تجربتها في النهضة الحديثة خلال القرن التاسع عشر، ارتبطت التجربتان بالاحتكاك بين مجتمعينا الشرقيين والغرب الأوروبي، وكان الاحتكاك يحمل جانب من القهر والإرغام من الطرف الأوروبي في مرحلة التوسع الاستعماري والتنافس الأوروبي على فتح أسواق العالم والاستيلاء على موارده الطبيعية، بعد الثورة الصناعية في أوروبا.
  كان لكل من اليابان ومصر تراث حضاري قديم، وتقاليد ثقافية تختلف عن قيم الثقافة الأوروبية الحديثة في عصر الثورة الصناعية، وكان لكل منهما تجربتها في التعامل مع الحضارة الصناعية الحديثة، وقد ناقشت الندوة هذه القضية في محاولة لإلقاء الضوء على المختلف والمتشابه في كل من التجربتين.


 وقد استكملت تلك الندوة بثانية حملت عنوان: "اليابان في الفكر المصري ومصر في في الفكر الياباني"، وحاولت هذه الندوة أن تلقي الضوء على صورة اليابان في الفكر المصري المعاصر، وصورة مصر في الفكر الياباني المعاصر، وقد شارك فيها كل من الدكتور وليد عبد الناصر، والدكتور عصام حمزة رئيس قسم اللغة اليابانية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وأحد خريجي الدفعة الأولى من هذا القسم، التي أنهت دراستها عام 1978، والسفير وهيب المنياوي سفير مصر السابق في اليابان، الذي ترك اليابان منذ خمسة عشر سنة لكن ما أسسه من روابط لمصلحة العلاقة بين بلدينا مازال قائمًا، ومشاركته في الأنشطة شبه الرسمية والشعبية لتدعيم الجسور بين اليابان والعالم العربي ما زالت مستمرة، انطلقت الندوة مما يجمع بين مصر واليابان من سمات مشتركة، فكلاهما بلد له حضارة قديمة وتقاليد راسخة، وكلاهما اصطدم بالغرب في القرن التاسع عشر بدأت كل من مصر واليابان تنظر إلى الأخرى، وإلى تجربتها في النهضة، كان انتباه اليابان إلى التجربة المصرية مبكرًا، في عصر الخديوي إسماعيل، بينما كان انتباه مصر لليابان مع بداية القرن العشرين، مع انتصار اليابان على روسيا سنة 1905، ذلك الانتصار الذي رأى فيه الوطنيون المصريون وقتها بادرة أمل، وإشارة إلى إمكانية أن يتفوق الشرق على الغرب، فكتب حافظ إبراهيم قصيدته غادة اليابان، وكتب مصطفى كامل كتابه الشمس المشرقة، ومن يومها عششت التجربة اليابانية في العقل المصري والعربي، وكان لنجاح اليابان الفذ في الخروج من مأساة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية بسرعة، وانطلاقها لتصبح ضمن الثمانية الكبار في العالم، أثرًا إضافيًا في رسوخ صورة اليابان في الوجدان المصري، كحضارة شرقية قادرة على التحدي وإثبات الذات، واليوم تسعى كل من البلدين لبناء آفاق لتعاون مستقبلي في الثقافة والتعليم والبحث العلمي والاقتصاد والسياسة.


 أما الندوة الثالثة في هذا المحور فكانت عن "الترجمة والتفاعل الثقافي بين مصر واليابان" تحدث في هذه الندوة اثنان من أساتذة اللغة اليابانية في جامعة القاهرة، الدكتور أحمد فتحي والدكتور عصام حمزة، منطلقين من الدور الذي لعبته الترجمة عبر العصور في تحقيق التفاعل الثقافي بين شعوب العالم وثقافاته المختلفة، والذي ازدادت أهميته في العصر الحديث، من أجل تحقيق التعارف والتعاون والسلم العالمي. وقد أكدا أن القرن الماضي قد شهد محاولات متعددة للتواصل الثقافي بين الثقافة اليابانية والثقافة العربية، وكان للترجمة دورًا مهمًا في هذا المضمار، فقد ترجم اليابانيون أعمالًا مهمة من الثقافة العربية قديمها وحديثها، كما ترجم المصريون والعرب نصوصًا يابانية عديدة، لكننا ما زلنا في حاجة إلى جهود أكبر في هذا المجال.
وقد زار المعرض الذي استمر من يوم 9 يوليو إلى يوم 12 يوليو ما يقارب 100 ألف زائر حسب توقعات إدارة المعرض، وزار الجناح المصري عدد من المتخصصين اليابانيين في الدراسات العربية لمتابعة الأنشطة الثقافية المصاحبة وللتعرف على أحدث الإصدارات المصرية، كما حضر كذلك عدد من طلاب جامعة طوكيو الذين يدرسون اللغة العربية وتاريخ المنطقة العربية، كذلك بعض الدارسين المصريين في طوكيو، وعدد من أفراد الجالية المصرية.



 لكن النشاط الأكثر جذبًا للجمهور كان نشاط الخط العربي، لقد ألتف العشرات حول الفنان الخطاط أوس الأنصاري وهو يكتب لهم أسمائهم بالخط العربي، وكان الإقبال عليه يمتد من العاشرة صباح حيث يفتح المعرض أبوابه إلى موعد إغلاقه في السادسة مساء.

الدستور 22 يوليو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق