السبت، 16 سبتمبر 2017

مصر لسه في تورينو... من أرشيف مقالاتي القديمة

مخربشات
مصر لسه في تورينو
عماد أبو غازي
 تورينو في 16 مايو 2009
 مضت ثلاثة من الأيام الخمسة لمعرض تورينو الدولي الثاني والعشرين للكتاب، مساء الأربعاء الماضي كنت أقف على باب مسرح كاريجنانو بوسط مدينة تورينو أتابع وصول الوفد المصري الذي يضم أكثر من خمسين كاتبًا وفنانًا وناقدًا وباحثًا، بالإضافة إلى الوفد الإعلامي والجهاز الإداري المرافق، وأثناء ترقبي وصول رئيس اتحاد كتاب مصر الكاتب الكبير محمد سلماوي الذي ألقى كلمة كتاب مصر في حفل الافتتاح الفني، نزل السنيور بيكيوني رئيس الهيئة المنظمة للمعرض من سيارته، توجهت لتحيته، فرد متهللًا إن المشاركة المصرية في المعرض هذا العام كضيف للشرف هي الأفضل طوال إحدى عشر عام مضت، عندها فقط أحسست بالراحة والاطمئنان، أيقنت أن جهد عامين متواصلين من العمل الذي أشرف عليه الدكتور ناصر الأنصاري رئيس هيئة الكتاب قد أتى ثماره، تمنيت لو أن الدكتور الأنصاري كان حاضرًا ليشاركنا فرحتنا وبادرت بالاتصال به لأطمئنه على بوادر النجاح، في لحظتها اتصل بي من القاهرة الصديق والزميل الدكتور أحمد مجاهد الذي صحب الدكتور الأنصاري في أول زيارة للتخطيط لهذا المعرض في مايو 2007، وشارك من وقتها في كل خطوات الإعداد، وكان الدكتور مجاهد قد غادر تورينو ظهر يوم الافتتاح لظروف عمله في القاهرة بعد أن إطمئن على اللمسات الأخيرة في العمل.





 توالت كلمات التهاني من المسئولين الإيطاليين عن المعرض، وبدأ حفل الافتتاح الفني ألقيت الكلمات من الجانبين المصري والأيطالي، ثم بدأ العرض الفني المصري المكون من فقرتين، استغرقت كل منهما نصف ساعة، قدمت فرقة الرقص المصري الحديث عرضها الذي أخرجه وليد عوني مستلهمًا فيلم شادي عبد السلام "المومياء"، وقدمت فرقة النيل للآلات الشعبية عرضًا من إخراج عبد الرحمن الشافعي يمزج بين مجموعة من فنون الغناء والرقص تمثل مناطق مصر المختلفة، يتخللها عرضًا لراقص التنورة، وقد استقبل الجمهور الإيطالي العرضين بإعجاب كبير.




 في العاشرة من صباح الخميس 14 مايو افتتح رئيس مجلس النواب الإيطالي جانفرانكو فيني المعرض، وفي الصالة الصفراء أكبر صالة المعرض وفي وسط حشد من الحضور تجاوز الخمسمائة توالى إلقاء الكلمات إيذانًا ببدء فعاليات الدورة الثانية والعشرين لمعرض تورينو الدولي للكتاب، وألقى الدكتور جابر عصفور كلمة الوفد المصري نائبًا عن وزير الثقافة الفنان فاروق حسني، والتي أكد فيها على العلاقة التاريخية بين مصر وإيطاليا ودور الثقافة في بناء جسور للتفاهم بين الشعوب، كما ألقى بعد ظهر يوم الافتتاح محاضرة بالقاعة الزرقاء بالمعرض عن "التنوع الثقافي"، ثم محاضرة أخرى في ثالث أيام المعرض عن طه حسين كرائد من رواد الثقافة المصرية.




 واحتل الجناح المصري موقعًا متميزًا في مدخل الصالة الوسطى من صالات المعرض الثلاثة، واتخذ الجناح الذي صممه المصمم المصري المتميز المهندس محمد عبد الكريم شكل المعبد الفرعوني، وتمكن بتصميمه من جذب المئات من الزوار يوميًا، وأصبح الجناح بما يتميز به من رحابة ودفء مركزًا لتجمع زوار المعرض ومحطًا لهم أثناء تجوالهم، وتصدر واجهة الجناح عرض الكالتراما التي تسجل تاريخ الحضارة المصرية، وهي من مبتكرات الدكتور فتحي صالح مدير مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري، الذي يعمل من القرية الذكية، وهذه هي المرة الثالثة التي أرى فيها الكالتراما ومدى تأثيرها على الجمهور، في فرانكفورت 2004 وجنيف 2008 ثم في تورينو 2009، إنها منجز ثقافي وتقني تفخر به مصر.


 ومن عناصر الجذب في الجناح المصري أيضًا ورشة الخط العربي الذي يشرف عليها الخطاط المتميز أوس الأنصاري وخالد سيد إبراهيم، والتي تباشر عملها في ظلال معرض الخطاط الراحل الكبير سيد إبراهيم، وكذلك ورشة الرسم للأطفال التي يشرف عليها الفنان الدكتور عادل بدر، ومعرض الخيامية والتلي الذي أرسلته هيئة قصور الثقافة، ويضم الجناح المصري كذلك معرضا للمستنسخات الأثرية من إنتاج المجلس الأعلى للآثار، ومعرضا للفن التشكيلي أشرف على تنسيقه الفنان محسن شعلان وعاونه الفنان أحمد عبد الفتاح، إلى جانب معرض كتاب الفنان من مقتنيات مكتبة الإسكندرية.
 وقد تركز أغلب النشاط الثقافي المصري في "تراسا بيمونتي" أو "شرفة بيدمونت" المواجهة للجناح المصري، وافتُتح بمحاضرة ناجحة للأستاذ محمد غنيم حول مشروع المتحف المصري الكبير الذي يشرف عليه، وتوالت الأنشطة الثقافية التي نظمها الجانب المصري وتلك التي نظمها الجانب الإيطالي وتدور حول مصر على مدى الأيام الثلاثة الأولى من المعرض، ما بين لقاءات مع المبدعين حول تجاربهم الإبداعية شارك فيها إلى الآن محمد سلماوي وإبراهيم أصلان ورؤوف مسعد وأحمد عتمان وخيري شلبي وأحمد العايدي وإبراهيم عبد المجيد وخالد الخميسي ونوال السعداوي وسلوى بكر وعلاء الأسواني، مع قراءات من أعمال هؤلاء المبدعين، وقراءات من أعمال أدبية مترجمة إلى الإيطالية، وأمسية شعرية للشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي.
 وكانت محاضرة الدكتور زاهي حواس عن الاكتشافات الأثرية الحديثة في مصر من أكثر الأنشطة جذبا للجمهور في المعرض، وقد قدم البرنامج الثقافي المصري أوجه مختلفة للعلاقات بين مصر وإيطاليا عبر التاريخ، كما قدم جوانب من تأثر فنون السينما والمسرح والأوبرا والنحت والتصوير بالمدارس الإيطالية، كما تضمن البرنامج الثقافي كذلك لمحات من تاريخ مصر في مراحله المختلفة.
 ومازال العمل متواصل... تحية من تورينو.

الدستور 20 مايو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق