الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

القيادة خلف النقاب... من أرشيف مقالاتي القديمة

مخربشات
القيادة خلف النقاب
عماد أبو غازي
 تلقيت دعوة على حسابي في موقع "فيس بوك" للانضمام لقضية "منع المنقبات من قيادة السيارات حماية لأطفالنا وتقليلا للحوادث"، القضية دعا إليها على الفيس بوك علاء المسلماني، ومنطلقه في الدعوة لقضيته: إن "منع المنقبات من قيادة السيارات هو حماية للمشاة في الشوارع وذلك لعدم قدرة المنقبة على إستخدام نظرها مثل غير المنقبة، كما أن النقاب يعوق الرؤية الجانبية وقد يهدد مسار الرؤية، كذلك فإن النقاب وسيلة سهلة لأي إرهابي أن يقود أي سيارة دون أن يلاحظه أحد."
 كنت قبلها بقليل أتابع الأخبار التي تشير إلى النقاش الدائر في فرنسا حول ظاهرة النقاب بين المسلمات هناك، وإمكانية إصدار تشريع يمنع دخول الأماكن العامة بالنقاب.
 القضية تشغلني منذ شاعت ظاهرة النقاب في المجتمع، ليس فقط قضية قيادة السيارة خلف النقاب لكن تحرك الأنسان وهو يخفي ملامحه في الشوارع وفي قاعات الدراسة وفي الأماكن العامة، وأين تقف الحدود بين الحرية الشخصية وحق الأمان لأفراد المجتمع، بين الحق في اختيار الزي الذي يعتقد الإنسان أنه يناسب معتقده الديني، وحق أفراد المجتمع في حماية أنفسهم من إمكانية التعرض لجرائم من خلف النقاب، بل أبسط من ذلك حقي كأنسان أن أعرف من يسير إلى جانبي في الطريق، ومن يتعامل معي في الحياة.
 كيف يمكن لي وأنا إمارس عملي كمدرس أن أتعامل مع طالبات منقبات لا أرى وجههن، ولا أستطيع أن أتبين ردود أفعلهن على ما أقول، ولا أكاد أسمع أصواتهن أو أفهم كلامهن عندما تتحدثن من وراء أنقبتهن؟
 كيف يُسمح لمدرسة في التعليم العام أن تعلم الأطفال من خلف نقاب؟ وكيف يمكنها التواصل معهم أو إيصال المعلومات إليهم وهم لا يرون وجهها؟ أو لأستاذة جامعية أن تدخل قاعات المحاضرات ومدرجات الجامعة وهي منقبة؟
 كيف تباشر الطبيبة أو الممرضة مهنتها وهي منقبة؟ وكيف يشعر المريض بالأمان والراحة النفسية وهو لا يرى وجه معالجته أو ممرضته؟
  وكيف تترك المنقبات تتحركن في الأماكن العامة تدخلن وتخرجن دون التعرف من شخصيتهن؟ وكيف نضمن أمان المواطنين في تلك الأماكن؟
 سيرد البعض إنه بإمكاننا الاستعانة بسيدات أمن للتحقق من شخصيات المنقبات عند دخولهن إلى الأماكن العامة، لكن ما الذي يضمن لن أن يتخفى أي شخص بعد دخوله إلى الأماكن العامة في زي منقبة ويرتكب ما يشاء من أفعال وجرائم تحت النقاب، ما دام مبدأ السماح للمنقبة أن تتجول بنقابها بيننا بحرية وتدخل وتخرج في كل مكان.
وهل يجوز أن يثير الرجال في الشوارع ملثمين تحت دعوى الحرية الشخصية؟
 ومن أعطى المنقبة الحق في أن ترى من تتعامل معهم وتسير بينهم دون أن يكون لنا نفس الحق في أن نعرف من نتعامل معها ونرى وجهها.  من ترى في نفسها عورة فلتترك عملها ودراستها وتجلس في بيت أبوها أو زوجها وتبتعد عن شوارعنا حماية لنفسها وحماية لنا.
 القيادة خلف النقاب أخطر، كنت قد بدأت ألحظ كل يوم منقبات تقدن سيارتهن في الشوارع، منطلقات وهن متخفيات، دائما كنت أتسأل بيني وبين نفسي، ماذا لو ارتكبت واحدة منهن حادثة وهي تقود سيارتها وهربت؟ كيف يمكن إثبات شخصيتها؟ ماذا لو تخفى أي مجرم في زي منقبة وارتكب جريمة بسيارة مسروقة وهرب؟ كيف تتعرف لجان المرور المنتشرة في كل مكان على شخصية السائقة دون أن تطالع وجهها؟ هل تتحاشى اللجان سؤال المنقبات عن رخصهن من باب الابتعاد عن وجع الدماغ؟ أم أن المنقبات تخلعن البراقع أمام اللجان لأثبات شخصيتهن؟ ولماذا تسحب رخصة سيارة لأن صاحبها ركب على زجاجها ورق "فيميه" لأنه يعوق الرؤية ويجعل السائق مختفي عن الأعين وتترك المنقبات مختفيات تماما دون ضابط أو رابط؟
 لكل ذلك اسرعت بالانضمام إلى قضية علاء المسلماني، عندما دخلت موقع القضية وجدته يوجه رسالة إلى المتعاطفين مع القضية يدعوهم لمساندتها بنشرها والدعوة لها، يشرح فيه أكثر أسس موقفه يقول: "نرجوا منكم التبرع بقليل من وقتكم لنشر قضيتنا بين أصدقائكم وإعمال المنطق والعقل فيما يخص المشاه والمرور في هذا البلد التعيس، أنا غير معترض على النقاب ديناً أو شكلاً أو مضموناً فهذا أمر يخص من ترتديه وهو حريتها الشخصية التي لا أجروء أن أنقدها، ولكن حريتك تنتهي حيث حرية الآخرين ولا ضرر ولا ضرار. برجاء التعاون معي على نشر ودعوة أصدقائكم حتى يمكن تفعيل هذا القانون."
 تحمست للدعوة وانضممت إلى القضية، كان عدد الأعضاء مساء أمس عند انضمامي 558 عضوا وعضوة، القضية تسعى للوصول إلى الرقم 750، حسب ما الموضح على موقع القضية فإن مناصريها وصلوا يوم 13 يونيو الماضي إلى 500 عضو، وجدت عددا من أصدقائي ومعارفي منضمين للقضية، أمضيت ساعة أوجه الدعوات إلى الأصدقاء على الفيس بوك للانضمام للقضية، دعوت 150 من بين أصدقائي، صباح اليوم دخلت إلى الموقع، وصل عدد الأعضاء إلى 562 عضوا، أنضم أحد أصدقائي إلى القضية.
 أدعوكم للانضمام إلى القضية ليس في الواقع الافتراضي على الفيس بوك لكن على أرض الحقيقة لنوقف فوضى التخفي في الحياة المصرية.

الدستور 24 يونيو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق