الثلاثاء، 1 مايو 2018

هل ننقذ الكوكب؟ من أرشيف مقالاتي القديمة


مخربشات

هل ننقذ الكوكب؟
عماد أبو غازي

 منذ بدأ العلماء من أنصار البيئة ينتبهون إلى المخاطر التي تواجه كوكبنا بسبب التلوث المدمر، ويتنبئون بالمسارات المتوقعة لانبعاث الكربون، كانت هناك حملة مضادة تتبناها المؤسسات المسئولة عن التلوث، ويشارك فيها علماء أيضا، لكن أغلبهم علماء وظفوا معرفتهم العلمية في غير مصلحة البشرية.
 وفي سياق الاستعدادات لقمة كوبنهاجن التي توشك أن تختتم أعماله، وفي محاولة للتأثير على قرارات القمة لصالح الدول والشركات المتسببة في التلوث تم تسريب بريدا إلكترونيا لمعهد لبحوث الطقس بجامعة ويست إنجليا أمكن الحصول عليه عبر القرصنة يشير إلى أن سبب التغير المناخي ليس بشريا، وإلى أن الإنسان "بريء" من تغيير المناخ، وقد طغى جدل البريد الإلكتروني قبل ثلاثة أسابيع عندما نشرت على الشبكة المئات من الرسائل الإلكترونية المتبادلة ما بين علماء وحدة البحث في التغيرات المناخية وزملائهم عبر العالم. وقد فتحت الشرطة تحقيقا لمعرفة ظروف تسرب هذه الرسائل ووثائق أخرى. كما استقال مدير الوحدة مؤقتا في انتظار نتائج التحقيق. وتشرف الوحدة على أهم قاعدة للمعلومات حول كيفية تغير المناخ. وزعم المتشككون في مسؤولية البشر عن التغيرات المناخية، أن هذا البريد الإلكتروني ينسف الفرضية القائلة بتسبب الإنسان في ظاهرة الاحتباس الحراري.
 وقد اعتمدت بعض الدول الرافضة لتخفيض انبعاث الكربون ـ إما لأنها تحرق كميات كبيرة من الوقود مثل الولايات المتحدة والصين أو لأنها تعتمد على إنتاج المواد البترولية كمورد أساسي لها مثل السعودية ـ اعتمدت على هذه التسريبات في سعيها للتنصل من توقيع اتفاقية ملزمة وقوية لتخفيض انبعاث الكربون، فصرح محمد الصبان ممثل المملكة العربية السعودية في القمة لهيئة الإذاعة البريطانية قبل القمة بأسبوع قائلا: إن هذه المسألة سيكون لها تأثير كبير على قمة الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، خاصة وأن العديد من الدول ترفض خفض ما تتسبب فيه من انبعاث كربوني. ولم يخف الصبان اعتقاده أن هذا البريد الإلكتروني سوف يؤدي إلى تعطيل أكبر أهداف القمة وهي الحد من انبعاث الغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وقال المفاوض السعودي: "إن المناخ يتغير منذ آلاف السنين، ولكن لأسباب طبيعية وليست بشرية. لهذا فمهما بذل المجتمع الدولي من أجل خفض هذه الانبعاث فلن يكون لذلك أي تأثير على التغير المناخي."!!!
وأضاف الصبان قائلا إن الكثير من البلدان تؤيد هذا الطرح فهي لهذا السبب غير مستعدة للموافقة على كل ما من شأنه أن يؤثر على نموها الاقتصادي لعدة سنوات. وفي المُقابل يمكن للحكومات أن تلتزم بإجراءات "غير مكلفة" للحد من الانبعاث، إذا ما أبدت البلدان الغربية استعدادا لمساعدة البلدان الفقيرة والمعوزة ماليا وهي تحاول الاحتماء من آثار التغيرات المناخية الطبيعية." وقال الصبان إنه ينبغي لقمة الأمم المتحدة أن تجري "تحقيقا شاملا" في قضية البريد الإلكتروني.
 وفي المقابل صرح إيد ميلباند الوزير المكلف بشؤون الطاقة والتغير المناخي في بريطانيا، في أول لقاء وزاري جماهيري عبر الهاتف يجيب فيه على أسئلة الجمهور عبر موقعه على الانترنت، بأنه لا يجب السماح للمتشككين في ظاهرة التغير المناخي بنفي أقوال العلماء عن أسباب ارتفاع درجة حرارة الأرض دون سند علمي، وبأنه لا ينبغي أن نعطيهم الفرصة في تخريب المحادثات الأممية الجارية حول التغيير المناخي. وقال ميلباند في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية: "نحن في لحظة يوشك العالم فيها أن يتخذ بعض القرارات السياسية الكبرى". وتحدث عن المشككين قائلا: "سيكون هناك بعض الناس ممن لا يريدون أن يتخذ العالم مثل هذه القرارات الكبرى وسيحاولون استخدام هذه الرسائل البريدية المتسربة للتشكيك في كل ذلك، وبالطبع هم يهدفون إلى إيقاف كل شيء".
 وفي نفس الوقت نفى عدد من العلماء أن يكون لهذا البريد الإلكتروني وما دار فيه من مناقشات تأثير سلبي كبير على مقررات قمة كوبنهاجن، وأكدوا على أن تلك المناقشات لا تمس فرضية التأثير البشري على المناخ، كما صرحوا بأن السماح بنشر المواد الإحصائية التي يرجع بعضها إلى قرابة 160 عاما وأكثر من 1000 من محطات رصد الطقس حول العالم التي يقولون ستثبت أن التغيير المناخي كان بسبب البشر. لكن بعض الدول كالبرازيل ترى أن المسئولية البشرية في هذا الأمر تتفاوت بين بلد وآخر، وإن الدول الصناعية يجب أن تتحمل الجزء الأكبر من أعباء التصدي للتغير المناخي لأنها هي التي سببت التلوث بالدرجة الأولى. وقد بات من المعروف أن الصين تحتل المركز الأول كأكثر بلدان العالم تلويثا للبيئة تأتي بعدها الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثانية.
 فهل ستنجح قمة كوبنهاجن؟ هذا ما سنعرفه غدا.
الدستور 16 ديسمبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق