الثلاثاء، 2 يوليو 2019

أنواع كثيرة... كوكب واحد... مستقبل واحد - من أرشيف مقالاتي القديمة


مخربشات
أنواع كثيرة... كوكب واحد... مستقبل واحد
عماد أبو غازي
 من بين كل ثلاثة أنواع من الأسماك هناك نوع مهدد بالانقراض، ومن بين كل ثمانية أنواع من الطيور هناك نوع مهدد بالانقراض، هذا فضلًا عن أكثر من نصف أنواع الحشرات والنباتات على كوكب الأرض، كل هذه الكائنات مهددة بالانقراض بسبب رعونة الإنسان وغروره وجهله، أما الثدييات التي ننتمي إليها نحن البشر فنوع من كل أربعة أنواع منها مهدد بالانقراض، أي أن ربع الثدييات باتت مهددة بالاختفاء.
 لهذا اختارت الأمم المتحدة شعارًا ليوم البيئة العالمي هذا العام يعكس الرغبة في الحفاظ على التنوع البيولوجي على كوكبنا، هذا التنوع الذي يعد صمام أمان لاستمرار الحياة على الأرض، هذا التنوع الذي أصبح مهددًا أكثر من أي وقت مضى بصورة تهدد مستقبلنا جميعًا، ليس فقط مستقبل الكائنات المهددة بالانقراض، بل أيضًا مستقبل الكائنات المرشحة للبقاء، وفي مقدمتها الإنسان، إننا نواجه خطر غير مسبوق منذ العصر الذي أنقرضت فيه الديناصورات، فالتغيرات المناخية والنمو الاقتصادي الجائر على البيئة والموارد يهددان التنوع الحيواني والنباتي على سطح الأرض وفي أعماق البحار، والأمر ليس مجرد انقراض نوع من الطيور أو الحشرات أو الحيوانات، وليس مجرد اختفاء أنواع من النباتات، إن الانقراض الجماعي للأنواع يهدد التوازن في دورة الحياة على الأرض، ويهدد بقاء الإنسان.
 لقد اختارات الأمم المتحدة "أنواع كثيرة... كوكب واحد... مستقبل واحد..." شعارًا لليوم العالمي للبيئة لعام 2010.


 ويوم البيئة العالمي يصادف يوم 5 يونيو من كل عام، إنه اليوم الذي تحتفل به دول العالم منذ عام 1972 وتتخذه ناقوس خطر ينبه الغافلين عن المخاطر التي تحيط بنا، وقد بدأ الاحتفال عندما انطلقت أول صيحة تحذير دولية تنبه للمخاطر التي يتعرض لها كوكبنا بسبب التلوث الذي نتج عن الثورة الصناعية؛ ففي عام 1972، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 يونيه يومًا عالميًا للبيئة وذلك في ذكرى افتتاح مؤتمر استكهولم حول البيئة الإنسانية، كما صدقت الجمعية العامة في اليوم ذاته على قرار تأسيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
 وفي كل عام يتم اختيار شعارًا ليكون شعار لليوم العالمي للبيئة، يعمل جميع الناشطين من أجل إنقاذ الكوكب تحت هذا الشعار ويترجمونه إلى فعاليات وأنشطة متنوعة تهدف إلى زيادة أعداد من يتبنون قضايا الدفاع عن البيئة، في العام الماضي رفعت الأمم المتحدة شعار: "كوكبنا يستغيث بنا، فلنكن أممًا متحدة في مكافحة تغير المناخ"، وفي عام 2008 كان الشعار: "فلنكسر العادة".
 وهذا العام ومع تزايد المخاطر التي تهدد التنوع البيولوجي على كوكبنا، خاصة بعد فشل قمة كوبنهاجن الأخيرة في نهاية العام الماضي في تبني موقف عالمي حازم في مواجهة التغيرات المناخية، رفعت الأمم المتحدة شعارًا يعكس أهمية التنوع لمستقبل كوكبنا، إن الشعار كما تقول نشرة منتدى البيئة التي تصدرها الشبكة العربية للبيئة والتنمية، "عبارة عن رسالة تركز على الأهمية المحورية للثروة الإيكولوجية عبر العالم من الأنواع الحية وأيضا النظم البيئية، إن يوم البيئة العالمي هذا العام يقدم الدعم العالمي للتنوع الحيوي".
 وفي كل عام يتم اختيار دولة من الدول لاستضافة الاحتفالية العالمية، بالطبع تشارك جميع دول العالم من خلال مؤسساتها الحكومية والأهلية ومن خلال مبادرة الناشطين فيها في قضايا البيئة في هذا الاحتفال، لكن تكون هناك دولة تعد بمثابة المضيف اللاحتفال الرسمي الرئيسي.
 وفي هذا العام وقع الاختيار على رواندا تلك الدولة الأفريقية صغيرة المساحة واسعة الثراء في تنوعها البيولوجي، إن رواندا دولة من دول منابع النيل تعاني من مشكلات عديدة، لكنها أخذت في السنوات الأخيرة تتبنى سياسة بيئية رشيدة، وأصبحت معايير السلامة البيئية تحكم كل سياسات التنمية في هذا البلد الأفريقي الذي أضحى رائدًا في المجال البيئي، وقد حكى لنا الدكتور عماد الدين عدلي رئيس رئيس مجلس إدارة المكتب العربي للشباب والبيئة، وأحد أبرز الناشطين في مجال البيئة في مصر منذ أكثر من ثلاثة عقود، أثناء احتفال لجنة ثقافة البيئة بالمجلس الأعلى للثقافة والمكتب العربي باليوم العالمي للبيئة، كيف اتخذت رواندا قرارًا بمنع استخدام البلاستيك أو حتى دخوله إلى البلد، حماية للبيئة من هذا العدو الخطير.
 لقد راهنت الأمم المتحدة على أن يأتي احتفال هذا العام باليوم العالمي للبيئة احتفالا غير مسبوق، فكل عام يزداد عدد المشاركين على نطاق كوكبنا، اليوم انطلق الاحتفال الرسمي في كجالي العاصمة الروانداية، وبالتوازي انطلقت آلاف الاحتفاليات في آلاف المواقع على سطح الأرض.
 لنعمل معًا جميعًا من أجل الحفاظ على التنوع في الحياة على كوكبنا الواحد الذي يجمع الإنسان مع غيره من الكائنات، لأن الدفاع عن هذا التنوع دفاع عن وجودنا، فالمستقبل واحد لنا ولغيرنا من الكائنات.
الدستور 9 يونيو 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق